(النقطة البيضاء (2
توصلت عبر البريد الخاص برسالة من أحد المتابعين لمدونة مروكية ، لقب نفسه بعاشق التدوين ، ورسالته كان مضمونها الأساسي عتاب ولوم حول موضوعي للنقطة البيضاء ، وتعبير عن استعجابه من تفاؤلي الشديد ، قائلا بأنني أعيش في المدينة الفاضلة التي لم ولن توجد إلا في خيالي.كما سألني بتهكم عما أراه أبيضا في ( مغرب الله كريم ، لا صحة ولا تعليم) ، وعما أراه أبيضا في الظلم والفوارق الطبقية والقمع ، وفي واقع الأمة العربية والمسلمة
أخي عاشق التدوين
ان ما أراه في هذا المغرب ، حيث الظلم والقمع والطبقية ،حيث الفقر والتهميش والاهمال والفساد والرشوة ، وحيث ( كما قلتَ) لا صحة ولا تعليم ، هو ما قالته لي في أحد الأيام ، فتاة بصمت أفكارها في حياتي ، حين استفسرتها وأنا طفلة عما منحني اياه هذا المغرب بعد مشاهدتي لاعتصامات شباب أمام قبة البرلمان، فأجابتني بهدوء : على الأقل ، لا تستيقظين كل صباح على رشات مدافع وأصوات قنابل وهزات منزل يهدم فوق رأسك
أخي الكريم
اني لا أرى في الشرطي العنيف المرتشي الا ذاك الذي يساعد طفلا صغيرا على عبور الشارع ، ويوقف السيارات ليفتح المجال لمرور سيدة عجوز ، ويقبض على قاتل فار منذ سنوات في فترة لا تتجاوز 48 ساعة
اني ارى في الطبيب المهمل ذلك الذي يقضي الأعياد في المستشفى ويسهر الليل وغيره نيام ويحتمل أنين الناسودماءهم طيلة حياته
واني أرى في المسؤول الظالم ذالك الذي يبكي دماء عند مرض أحد أبنائه ، لأنه اعتقد أن علة ابنه سببها ما جنت يداه هو على الآخرين
اني أرى في كل هؤلاء وفي آخرين نقطة بيضاء ، قد تكبر مع الوقت لتعطي مغربا أفضل وأجمل بمغاربة يحترمون بعضهم وأنفسهم
أما ما أراه في واقع الأمة العربية ، فذلك حديث آخر ، يستحق الحديث عنه صفحات وصفحات وصفحات
يتبع